أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

شاهد أيضا

دخول مدينة الزمن المفقود (الجزء الثاني)

دخول مدينة الزمن المفقود

دخول مدينة الزمن المفقود (الجزء الثاني)

بالرغم من كل الشكوك والخوف،الذي كان ينتابهما وضع [مالك] يده على تلك  النقوش في البوابة، وفجأة يشعر بحرارة شديدة تجتاح وتتدفق في كل أنحاء جسده،ثم بدأت صور من حياته تتلاشى وتختفي من ذهنه،منها ذكريات طفولته، وضحكات أخته [ليلى]، وحتى وجه والدته... كلها بدأت تختفي وتتلاشى وكأنها لم تكن في ذهنه من قبل .
وعندما فتح [مالك] عينيه، وجد نفسه داخل مدينة لم يرى مثلها من قبل ولا في أحلامه،لقد كانت الأرض مرصوفة بالزجاج اللامع البراق الذي يعكس السماء الزرقاء، وقد كانت البنايات أشبه بالنجوم المتساقطة المتلئلئة،لقد كانت مشرقة وساحرة ونسيم يفتح الأنفاس، لكن[مالك] في أعماق قلبه، يشعر بشيء ناقص... شيء ثمين وثقيل قد فقده بالفعل.

الصفقة مع سيد الزمن الذي أخبره كيف يستعيد أخته

شعر [مالك] بضغط غريب يحيط به داخل مدينة الزمن المفقود، الهواء كان ساكن لكنه كان مشحون بطاقة لا توصف، وكأن الزمن نفسه كان ينبض حوله،ثم رأى قصر عظيم يتوسط المدينة تقدم إليه بخطوات مترددة نحوه،لقد كانت أبوابه الضخمة كانت من زجاج وتعكس صور [لمالك] من ماضيه وحاضره، كلما إقترب إلى القصر أكثر،يرى وجوه أحبائه تمر أمامه كسرعة البرق، ويسمع ضحكاتهم وكلماتهم وذكرياته معهم.
ثم فتح الباب وعندما دخل القصر،كانت قاعة واسعة بلا نهاية مرئية،كان المشهد داخله مختلف تماماً، الجدران مصنوعة من ساعات غريبة وعملاقة تدور عقاربها في إتجاهات متعاكسة،ثم رفع بصره وفي مركز القاعة، كان هناك يجلس رجل غريب على عرش من الزجاج الامع المتصدع، وشعره أبيض كأنه مصنوع من خيوط الضوء، وعنده عينان تلمعان وتتوهجان بالأزرق لقد كان هذا هو سيد الزمن.

الحوار الأول: [مالك] و[سيد الزمن] عرض الصفقة

إلتفت سيد الزمن إبتسامة باردة وقال :
يا [مالك]، إبن الزمن الضائع،أنا أعرف لماذا أتيت.
تردد [مالك] قليلاً،ثم جمع ريقه وجمع شجاعته وقال :
أنا أريد إستعادة أختي [ليلى]، سأفعل أي شيء تطلبه مني .
حينها نهض سيد الزمن ببطء، وخطواته لم تُصدر أي صوت،وكأنه طيف يمشي إقترب من مالك وقال بصوت عميق:
هل تعلم لكل شيء ثمن، يا [مالك]،أنت تعرف الزمن لا يُمنح شيء مجاناً، بل يُشترى بما هو أغلى .
ثم أشار سيد الزمن إلى ساعة زجاجية كانت معلقة على الحائط، وبداخلها خيط يلمع من الضوء ويتحرك ببطء.
 فقال له هذه ساعة حياتك،يا [مالك] يمكنني أن أعود بها إلى النقطة التي فقدت فيها أختك، لكن إذا أردتني أن أفعلها وتعمل لصالحك، عليك تقديم شيء يعادل قيمتها.

دفع الثمن : أعز الذكريات

دخول مدينة الزمن المفقود (الجزء الثاني)

ثم سأل مالك بحذر: ما هو الشيء الذي تريدني أن أقدمه؟
فأجاب سيد الزمن بإبتسامة غامضة :
أريد أعز ذكرياتك،يا [مالك]، اللحظات التي تجعل قلبك ينبض، والتي تذكرك بمن تكون، عندما تأخذها مني، لن تتذكر أصلاً لماذا أتيت إلى هنا، ولن تتذكر حتى [ليلى]، لكن الزمن سوف يعاد، وستكون هي حية.
حينها شعر [مالك] برعب يجتاحه في كل جسمه، فكرة فقدان ذكرياته عن [ليلى] كانت أشبه بفقدان روحه، وكيف يمكنه له أن يعيش بدون تذكر ضحكات أخته، أو صوتها، أو لحظاتهم معاً وهم يلعبون؟ لكن [مالك] في نفس الوقت كان يعلم أن هذا هو السبيل الوحيد لكي ينقذها.

القيام بالخيار المستحيل

رفع بصره سيد الزمن وقال بصوت حازم :
هل تقبل، يا [مالك]؟ إما يجب أن تدفع الثمن، أو أن تغادر المدينة وتترك الزمن كما هو .
وقف أمامه [مالك] صامتاً، والصراع يعصف ويدور بداخله، وتظهر[نورا] فجأة في داخل القاعة، محاولت التحدث معه.
يا[مالك]، فكر جيداً، سيد الزمن يبدو أنه لا يقول الحقيقة كاملة، حتى لو دفعت الثمن، ومن يضمن لك بعدها أنه سيعيدها فعلاً؟
إلتفت مالك نحوها وسألها :
لماذا أتيتِ أنتِ إلى هنا؟يا [نورا]
ثم خفضت [نورا] رأسها وقالت :
أتيتِ لإنقاذ والدتي، لكنها الآن مجرد ذكرى ضائعة،لقد دفعت الثمن ولم أحصل على شيء.

إتخاذ القرار

بالرغم من شكوكه، قرر [مالك] إتخاذ قرار المجازفة، ثم تقدم نحو سيد الزمن ووضع يداه على تلك الساعة الزجاجية المعلقة بالحائط،ثم شعر بشعاع من الطاقة وهو يسحب منه شيئاً عميقاً بداخله،لقد رأى أمام عينيه صوراً من حياته تتلاشى وتختفي : منذ لحظة ولادته، وأول مرة رأى فيها [ليلى]،رأى ضحكاتهما معاً،رأى حتى يوم وفاتها.
وعندما إنتهى، كانت عيناه فارغتين وكأن جزءاً كبيراً منه قد إختفى.
قال [سيد الزمن ببرود]  :
لقد دفعت الثمن.الآن الزمن سيُعاد كما طلبت.

العودة للواقع و النهاية المؤقتة :

إستيقظ مالك في قريته الصغيرة،وكان مستلقياً بجانب البحيرة حيث كانت قد توفيت [ليلى]، لكنه لم يكن يتذكر من هي، أو لماذا يشعر بالحزن،لأن كل ذكرياته تلاشت وفجأة، يسمع صوت ضحكة طفولية تأتي من خلفه، إلتفت ليرى فتاة صغيرة تلعب بجانب ضفة البحيرة.
لقد كانت [ليلى] هي من تلعب... لكنها لم تكن تعرفه.
حينها تُرك مالك في حيرة عميقة من أمره، الآن يعيش في عالم إستعاد فيه أخته لكنه فقد كل شيء آخر.

أسئلة عالقة ستبقى عالقة إلى أجل مسمى :

هل سيحاول مالك إستعادة ذكرياته بأي ثمن ؟
ما الدور الذي ستلعبه نورا في مستقبل مالك ؟
هل سيد الزمن خدعه، أم  الصفقة كانت عادلة ؟

تعليقات